لبنان… الهوية التي لا تحتاج ختم حزب

لطالما كانت الأحزاب في لبنان جزءًا لا يتجزأ من الحياة السياسية والاجتماعية. تاريخها يعود إلى بدايات الاستقلال، وهي لعبت أدوارًا كبيرة، سواء في النضال من أجل السيادة أو في تشكيل الحكومات. لكن السؤال اليوم، في زمن الأزمات والانقسامات: لماذا يجب علينا الانتماء لحزب؟ وهل الوطنية تتطلب بطاقة حزبية؟الجواب ليس بسيطًا. الأحزاب في لبنان، في كثير من الأحيان، تضع نفسها قبل الوطن. شعارها “الوطن أولًا” قد يتحول إلى “الحزب أولًا”، وهنا تكمن المشكلة. نحن تربّينا في المدارس على حب لبنان، وليس على حب حزب. تعلمنا أن العلم اللبناني يرفرف فوق كل الانتماءات. وأن وحدة الأرض والشعب والسيادة لا تكتمل إلا إذا صارت قلوبنا خالية من الولاءات الضيقة.لكن، رغم ذلك، لا يمكننا إنكار دور الأحزاب في العمل السياسي والتنظيمي. ففي بلد معقد كلبنان، حيث تتشابك الطوائف والمصالح، يصبح من الصعب إحداث التغيير دون أطر منظمة. هنا، الأحزاب قد تكون أداة للعمل، لكنها ليست البديل عن حسّ الوطنية الفردية.الوطنية هي أن تقف مع لبنان قبل كل شيء. أن تدافع عن حقه في الوجود والكرامة والحرية. أن ترفض كل ما يهدد سيادته واستقراره، حتى لو كان من داخل حزبك. الوطنية لا تحتاج بطاقة حزبية، بل تحتاج قلبًا صادقًا يعرف أن لبنان ليس مجرد شعار، بل روح تنبض فينا.اليوم، أكثر من أي وقت، نحتاج أن نعيد تعريف الوطنية: ليست مرهونة بلون سياسي ولا بخطاب طائفي، بل هي إخلاص للتراب الذي يجمعنا. نحتاج أن نرفع العلم اللبناني عاليًا، لا علم حزب أو زعيم. نحتاج أن نتذكر أنّ الوطن لا يُطبع ولا يُختصر، بل يُحبّ ويُحترم.فهل الأحزاب قادرة على أن تضع لبنان قبل نفسها؟ هذا هو الامتحان الأكبر. أما نحن، فلنطبع على قلوبنا فقط: “أنا لبناني، ولبنان وحده حزبي.”شانتال خليل.