الصحافية منال شحادة ” ما بين الواقع والخيال المواطن يتخبط”

وإِنَّ سَأَلْتُمُونِي عن التَّضْحية سأَختصرُ الكلام وأَقول لَكُم ، انَّهَا الاسمُ الثَّانِي للغباء ، وإن سَأَلْتُمُونِي ما هو الحُبُّ ! سأُخبِرُكُم بِأَنَّه الرِّداءُ الجميلُ الَّذي ترتديه الخيانة لتستر قباحتها.

جميعُنا اليوم لاجئين من عالم الخَيالِ إِلَى عالم الواقع ، مِنْ عالم كَذبنا فِيه عَلى أَنْفُسنا وظننّا أَنَّهُ مَوْجودٌ ، لِتَأْتي الحياة بِجُنودِها وتطْرُدنا .
للأسف مناهج التَّربية كاذبة ، والْقَوانينُ كلماتٌ على وَرَقٍ ، والقيم نُكْتَةُ الموسم ، وَصِفاتُ الخير والحضارة موجودة فِي الخطابات فقط وتستخدم لِلتَّخْفيف مِنْ قباحة الواقع لَا أَكثر .

عن أَيِّ مَحَبَّةٍ وَحُرّيَّةٍ وَحَضارَةٍ نَتَحَدَّثُ والْأَطفال أَشْلاء ؟ ؟ عَنْ أَيِّ تَطَوُّر وَتَقَدَّم نَتَحَدَّثُ والنّاسُ تَبِيعُ أَنْفُسَها لشراء الدَّواءَ ؟ عَنْ أَيِّ قَوانينَ وَديمُقْراطيَّةٍ نَتَحَدَّثُ وَفِي بَلَدي لَا حُقوقَ طالِب مَوْجودَةٌ وَلَا حُقوقَ أُسْتاذٌ مُعْتَرَفٍ بِهَا ؟
لَا قَانُونَ يَرْعَى مُسِنٌّ ، وَلَا إمرأة مَنْصورَة.
عَنْ أَيِّ واقِعٍ جَميلٍ نُخْبِركُمْ ! نُخْبِركُمْ عَنْ بلدي العظيم ! لِمَاذَا عَظيم ؟ لأن المناصب وَالْكُرْسِيّ فِيه أغلى مِنْ دماء الشُّهَداءِ وَفَوْقَ الجَميعِ . وَطَنيّ عَظيمٌ لأن فِيه سِيَاسِيِّينَ يُمَثِّلُونَ عَلَى الشَّعْبِ وَلَا يُمَثِّلُونَ الشَّعْبَ . المَقابِرَ مَليئَةً بِأُمَّهاتٍ فَقَدْنَ فِلْذاتِ أَكْبادِهِنَّ
وَطَنٌ فِيه الزَّوْجُ يَخونُ بِنْتَ الأَصْلِ ، وعاهِرَةُ تَغْدِر رَجُلَ احْتَوَاهَا وجعل منها أم لأَطفَاله ، وَشَبابٌ امْضوا العُمْرَ بَعِيدًا عَنْ أَحْضَان الوَطَنِ وَأَحضان أَهَالِيهم لِتَسْقيهم الغُرْبَةُ مِنْ كَأْسِ المُرِّ واللَّوْعَةِ والْعَذابِ .
تَقُولُونَ لِي وَطَنٌ جَميلٍ ! ! يَا لِهَذَا الجَمالِ الغَيْرِ قادر على احْتِضانِ أَبْنَائِهِ ، لَوْ نَظَرْنا إِلَى تِلْكَ الزَّوَايَا لِاكْتِشافِنا حِكاياتٍ وَخَبَايَا نَسْتَطيعُ أَنْ نُقَدِّمَها إِلَى مَحْكَمَةِ الدُّنْيَا كَدَلِيلٍ إِثْباتَ أَنَّ الواقِعَ اَلْيَمّ مَريرٌ لَا صِلَةَ لَهُ بِالْجَمَالِ . عَنْ أَيِّ عالم جَميلٍ سَنَتَكَلَّمُ ؟ عالم الخِداعِ والْخيانَةِ ؟ عالم المَظاهِرِ عالم المَصالِحِ ؟ ؟ عالم الكَذِبِ ؟ ؟ عالِمكم هَذَا لَا يُعْجِبُنِي العَيْشَ فِيه ، مِنْهُ أَسْتَقيلُ وَإن سَأَلْتُمُونِي مِنْ أَيْنَ أَنْتِ سَأَقُولُ لَكُمْ مُشَرَّدَةً أَنَا بِلَا وَطَنٍ .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق