لبنان بين الأزمات المتفاقمة والتدخلات الإقليمية: صيفٌ على وقع الحروب والمفاوضات المتعثرة
منشغلون اللبنانيون في غمرة أنشطتهم السياحية والصيفية، وقد لا ينتبهون أو يتناسون كم من العمر يمرّ وهم يتنقلون بين الحروب، غالباً ما تكون هذه الحروب مفروضة من قوى إقليمية في جوار مضطرب منذ إنشاء إسرائيل على المجازر في عام 1948، بل وحتى قبل ذلك في تاريخ شرق المتوسط والمشرق العربي الذي كان دائماً عرضة للغزوات.
منذ 7 أكتوبر 2023، والحرب في تصاعد في لبنان، تتفاقم الأزمات وتتوالى. فراغ رئاسي، دولة متوقفة، وحكومة تصريف أعمال تتجاوز الميثاقية والشراكة. الأسئلة حول الدولة، والإصلاح، والاقتصاد، وإدارة المالية العامة، والتطوير أصبحت تُعدّ ترفاً، أو حتى مستهجنة في جمهورية ممزقة ومستباحة.
وفي هذا السياق، يعيش اللبنانيون يومياتهم في ظل تهديدات مستمرة، بعد استهداف طهران والضاحية الجنوبية، يترقبون الضربات والدرونات المعادية التي تخترق جدار الصوت فوق رؤوسهم. وما يزيد من قلقهم هو أن أصوات المفاوضات التي انطلقت في الدوحة الأسبوع الماضي بدعم أميركي، توقفت بسبب تشدد الموقف الإسرائيلي، ودفع حماس لرفض المشاركة ما لم تُلبَّى مطالبها، وأهمها وقف إطلاق النار.
وفي الوقت نفسه، وصل وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إلى إسرائيل وأجرى محادثات وصفت بـ”الإيجابية” مع بنيامين نتنياهو. وعلى الرغم من ذلك، استمر القصف المتبادل بين جنوب لبنان وشمال فلسطين المحتلة، كما واصلت إسرائيل ضرب قطاع غزة وقتل الصحافيين فيه. وعلى صعيد آخر، ناقش الوفد المفاوض في القاهرة قضية محور فيلادلفيا دون تحقيق تقدم يُذكر.
وفي خضم هذه الأزمات المتفاقمة في لبنان، ظهرت بوادر حل مؤقت لأزمة الكهرباء بفضل الدعم الجزائري. ولكن تبقى المشكلة الأساسية، ورغم كل الحملات الممنهجة، هي رفض الخطة الأساسية لإصلاح الكهرباء التي قدمها جبران باسيل عام 2010، والتي كانت تهدف إلى تحقيق إنتاج ونقل وتوزيع متكامل للكهرباء. لكن التعنت السياسي، الذي اعترف به حتى من عرقل هذه الخطة علناً كما تظهر التسجيلات التلفزيونية، أدى إلى حرمان اللبنانيين من حقهم المشروع في الكهرباء.
وأخيراً، على الرغم من كل الحديث عن استبعاد مناقشة هذا الموضوع حالياً، يبقى فراغ كرسي رئاسة الجمهورية عنواناً لفشل معظم القوى السياسية في لبنان في إنتاج حل داخلي يحقق المصلحة الوطنية بدلاً من الخضوع للأجندات الإقليمية.