ضرورة تعزيز التعاون اللبناني-السوري في مواجهة الأزمات والعدوان
عندما تواجه دولة ما كوارث أو أزمات مختلفة، أو تتعرض لعدوان خارجي يهدد باندلاع حرب شاملة قد تعيدها إلى “العصر الحجري”، كما هو الحال في لبنان حاليًا الذي يعاني من عدوان إسرائيلي وتهديدات مستمرة بتدمير بنيته التحتية وقطاعاته الخدمية، مثل الكهرباء والمياه والاتصالات، خاصة شبكة الإنترنت لعزله عن العالم، يصبح من الضروري على السلطات في تلك الدولة تعزيز التعاون مع الدول الصديقة، خصوصاً المجاورة منها، لمواجهة هذا العدوان ودعم صمود المواطنين من خلال توفير الأساسيات، كالطعام والأدوية والمحروقات. في حال الاضطرار للنزوح إلى دول مجاورة، يجب تأمين ملاذ آمن لهم، كما حدث خلال الحرب الأهلية اللبنانية في 1975 و1976، وكذلك أثناء عدوان تموز 2006.
وعلى ذات المنوال، استقبل لبنان مئات الآلاف من النازحين السوريين أثناء الحرب على سورية، ولا يزال يستضيفهم حتى الآن، رغم الأعباء الاقتصادية الكبيرة التي ترتبت على استضافة أكثر من مليوني نازح، حيث تقدر تكاليف نزوحهم على لبنان بعشرات مليارات الدولارات. في السنوات القليلة الماضية، خلال تفشي جائحة كورونا، قدمت سوريا مساعدات للبنان بتوفير الأوكسجين الطبي لإنقاذ مرضى الجائحة، كما شكر وزير الصحة اللبناني حينها، حمد حسن، الرئيس السوري بشار الأسد لتلك المساعدة التي ساهمت في تجنب كارثة صحية.
وفي ظل تهديدات عدوان صهيوني شامل على لبنان وسورية، تحتاج الدولتان إلى تعزيز التواصل والتنسيق. ورغم ذلك، تظل الحكومة اللبنانية مترددة في تعزيز هذا التعاون مع سورية، حتى في القضايا الخدمية مثل الاتصالات. يذكر أن كابل الاتصالات بين لبنان وسورية مقطوع منذ 2013 في منطقة شتورة، ولم تقم الجهات المعنية بإصلاحه حتى الآن، رغم المطالبات المتكررة من المجلس الأعلى اللبناني-السوري، الذي يشرف على التنسيق بين البلدين في مختلف المجالات.
وفقًا لمصادر مطلعة، فإن العقبة التي تحول دون إصلاح هذا الكابل هي الانقسام السياسي في لبنان حول التواصل مع سورية، وارتباط بعض الساسة بالمحور الغربي. رغم أن دولًا أوروبية بدأت في إعادة علاقاتها مع دمشق، مثل إيطاليا التي عينت سفيرًا لها في سورية مؤخرًا، لا تزال الحكومة اللبنانية مترددة. من جانب آخر، يُرجح أن تكون العقوبات الأمريكية المفروضة على سورية أحد الأسباب التي تمنع وزارة الاتصالات اللبنانية من التعاون مع نظيرتها السورية، خوفًا من التعرض لعقوبات مماثلة.
أما في قطاعي الكهرباء والمياه، فقد قام وزير الطاقة اللبناني وليد فياض بزيارتين رسميتين إلى دمشق لتفعيل التعاون. وهنا يُطرح التساؤل: لماذا لا تتبع لبنان خطى دول مثل إيطاليا والسعودية في تعزيز العلاقات مع سورية؟