لماذا نشعل النار ليلة عيد الصليب؟
ككلّ عام، احتفالاً بعيد الصّليب، نشعل النيران على قمم جبالنا، ونجتمع لنصلّي. ولكن، ما أصل هذه العادة ولماذا نشعل النار؟
ان عيد الصليب هو من الاعياد المهمة في الكنيسة وتعم احتفالاته كافة الكنائس الا ان اشعال النار على قمم جبالنا فهو تقليد قديم يعود الى سنة 326، يوم قرّرت القدّيسة هيلانة البحث عن خشبة الصليب وإعادتها الى موضعها على ما يؤكد احد كهنة الكنيسة في حديث لموقعنا حيث يلفت الى انه في تلك السنة قامت القديسة هيلانة والدة القديس قسطنطين برحلة الحج إلى فلسطين بحثا عن الصليب المقدس وعندما وجدته وبعد التاكد من انه هو الصليب كان عليها إعلام الإمبراطور قسطنطين في روما بأنها وجدته وكان الإتفاق أن يوضع على رأس كل جبل من فلسطين إلى روما كومة من الحطب وعند إيجاد الصليب يشعل شخص كومة حطب في منطقة الصليب وعلى كل جبل عندما يرى الشخص القابع النار اشتعلت يقوم بدوره بإشعال كومته وهكذا وصل الخبر إلى الإمبراطور في أسرع وقت.
ويضيف الكاهن انه “وحسب ما توارد الينا من معلومات يقال ان القديسة هيلانة امرت الجنود بأن يبحثوا بكلّ زاويةٍ في اورشليم عن الصّليب حيث راح الجنود يفتّشون اورشليم كلّها الى ان وجدوا صلبانا ثلاثة مدفونة في حفرةٍ عميقة قرب معبد فينوس، ولما تأكدوا من ان احد الصلبان هو للسيد المسيح صعدوا الى جبل الجلجلة وجمعوا الحطب، فأشعلوا ناراً ضخمةً رآها كلّ سكّان المدينة وكان ذلك اليوم هو الرابع عشر من أيلول.
ولهذا السبب فإننا نحتفل بعيد الصليب بنفس هذا اليوم من كلّ عامٍ.
يذكر انه بعد صلب المسيح وقيامته قام اليهود المتعصبون بردم قبر المخلص ودفن الصلبان الثلاثة لإخفاء معالمه نظراً للمعجزات التي كانت تحدث بجوار القبر. فاختفى اثر الصليب منذ ذلك الوقت ولمدة تناهز القرنين من الزمان.
ولما أصبح القديس قسطنطين امبراطوراً على اوروبا أمر بهدم معابد الأصنام وشيد مكانها الكنائس. بعدها نذرت أمه القديسة هيلانة أن تذهب الى أورشليم لنوال البركة في الأراضي المقدسة، بالقرب من جبل الجلجلة.
وأمرت بتنقيب المكان، وتم العثور على 3 صلبان خشبية، ولما لم يستطيعوا تمييز صليب الرب، اقترح القديس كيرلس بطريرك اورشليم بأن يختبروا فاعلية الصليب، ولأجل ذلك أحضروا ميتاً ووضعوا عليه أحد الصلبان فلم يحدث شيء وعند الصليب الأخير قام الميت ومجد الله، وبذلك توصلوا الى معرفة الصليب الحقيقي للسيد المسيح.
وقد أمر الملك قسطنطين ببناء كنيسة في نفس موضع الصليب على جبل الجلجلة، وسميت بكنيسة القيامة.
أما في القرن السابع فقد حدث أن دخلت جيوش كسرى ملك الفرس الى أورشليم وتم أسر الألوف من المسيحيين وفي مقدمتهم البطريرك زكريا، وأضرمت النار في كنيسة القيامة والكنائس الأخرى ونجا الصليب المكرم من النار بهمّة أحد المؤمنين ، لكنهم أخذوه غنيمة مع جملة ما أخذوا من أموال وذهب ونفائس إلى الخزانة الملكية. وبقي الصليب في بلاد فارس حوالي 14 سنة. و لما انتصر هرقل الملك اليوناني على الفرس، تمكن من استرداد ذخيرة عود الصليب سنة 628. فأتى إلى القسطنطينية التي خرجت بكل ما فيها إلى استقباله بالمصابيح وتراتيل النصر والابتهاج ثم أعيد الصليب إلى أورشليم من جديد. ومنذ ذلك الحين بقي الصليب في أورشليم.